الطيورُ لا تُهاجرُ  في السنةِ مرّتين

تابعنا على:   12:13 2024-02-09

منجد صالح

أمد/ لا تُهاجر الطيور في السنة مرّتين، تُهاجر الطيور مرّة واحدة في السنة من رُكنٍ إلى رُكنٍ آخر في هذه المعمورة،

وغالبا طلبا للدفء ولمزيدٍ من الغذاء، وربما لتتزاوج وتضع بيضها انتظارا لفراخها في مناخٍ وبيئة مناسبة لطبيعتها وتكوينها،

هذا هو حال الطيور، وحال المناطق التي ترتحل منها والاخرى التي تتوطّن فيها من جديد،

تقضي الطيور جزءا من حياتها تُحلّق وترفرف في الفضاء الفسيح وتنظر إلى الارض بعيون مفتوحة برّاقة،

شعبنا الفلسطيني ليس طيورا رحّالة وانما اشجار زيتونٍ تضرب جذورها عميقا في ثرى الوطن،  تحمل اغصانها الخير العميم في موسم قطاف الزيتون لتمتلئ "الخوابي" والجرار القديمة والاواني الجديدة  بالزيت الطيب، من شجرة مُباركة،

الاحتلال الاسرائيلي الغاشم الغادر الغاصب يكره شجرة الزيتون، لهذا يُرسل جرّافاته وقطعان مستوطنية لقلعها وخلعها وتكسيرها وتحطيمها،

شجرة الزيتون هي عنوان وجودنا وتجذّرنا في ارضنا، في وطننا، في فلسطيننا، التي هي جزءٌ لا يتجزّأ من بلاد الشام، من سوريا الكبرى، تُجاورها الاردن ولبنان وسوريا بعاصمتها دمشق،

شمال فلسطين هو جنوب لبنان، وبين فلسطين ولبنان ما بين شقيقين توأم،

نجمات درب التبّانات تُظلل سماء فلسطين ولبنان في سماء الليالي الصافية وقت الحصاد،

تنظر اليها وهي مصطفّة تبرق وتبعث وميضها من صيدا وصور والنبطية،

وتنظر اليها وإلى وميض نجماتها من حيفا وصفد ورام الله وغزّة،

في هذه الليالي الاخيرة اصبحت نجمات درب التبّانات تُظلل باب المندب وبحر العرب والبحر الاحمر،

تبان وضّاءة برّاقة مُنيرة من عدن وصعدة والحديّدة،

وتصل مدى الرؤيا إلى بغداد هارون الرشيد،

طيورنا لا تُهاجرُمرّتين بل تتمترس في محرابها الازلي في بيت المقدس واكناف بيت المقدس،

طيورنا صقور ونسور تفرد اجنحتها على مساحة الوطن، من المياه إلى المياه، ومن رأس الناقورة إلى ام الرشراش،

نسورنا تطير جنبا جنبا مع نسور اليمن ونسور بغداد ونسور الجنوب، الجنوب ومن جنوب رأس الرجاء الصالح تهب نسيمات لطيفة دافئة على فلسطين وشعبها المكافح المقاوم الصامد أمام هجمة الغربان السود وصمت العالم ونفاق اوروبا وغطرسة ومداهنة واستبداد وظلم امريكا،

تتكاتف النسور والصقور في كتلة متراصة مُتحابة منسجمة، وتبني سدّا امام غزو الجراد زُرق العيون، والغربان السود شقراءة الريش بيضاءة الجلود،

العالم يتغيّر ولو بخطى بطيئة، والوعي في العالم يزداد ويُفتّحُ مزيد من الناس والبش عيونهم على ما يجري،

ولم يعد من السهل خداع العالم بحشو الدموع  رصاصاصا في الرشاشات الظالمة واستحضار الماضي، بينما الحاضر لا يقل فظاعة عن ما مضى،

نأمل ان نستيقظ في صباح يوم قريب ونسمع زقزقة عصافيرنا على فنن اشجارنا باوراقها المزيّنة بقطرات الندى، تحت سمائنا بشمسها الدافئة،

تهبّ علينا نسائم البحر القادمة سعيا من الغرب، من بحر عطور بيارات يافا وحيفا وعكا والناصرة وصفد وغزة.

كلمات دلالية

اخر الأخبار